الأجر ليس من خواصهن، بل كل من عمل صالحًا من النساءِ والرجال من هذه الأُمة يضاعف أجره، فأخرج الكلام مغايرًا لما تقتضيه المقابلة رمزًا إلى أن تضعيف الأجر على طرز مُغَاير لتضعيف العذاب.
ذهب جمع من المفسرين إلى أن (أحد) وصف لمذكر محذوف، وأن المعنى ليست كل واحدة منكن كشخص واحدة من النساءِ في عصركن، فكل واحدة منكن أفضل من كل واحدة منهن، لما امتازت به من شرف الزوجية لرسول الله ﷺ وأُمومة المؤمنين، وذهب الزمخشرى إلى أن (أحد) إذا وضع في سياق النفى استوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والجماعة، وقد استعمل (أحد) بمعنى المتعدد في قوله تعالى: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ لأَن لفظ (بين) لا يدخل إلا على متعدد.
قيل: وهذا التوجيه أولى من سابقه، على القول بفضل آسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران على نساء العالمين جميعًا، فإنه لا يمنع من تفضيل جماعة زوجات الرسول على كل جماعة سواهن، بخلاف الأَول فإنه يتعارض مع تفضيل كِلْتَيْهمَا على كل واحدة بن نساء العالمين، وفي جملتهن زوجات الرسول ﷺ.
ومعنى الآية مجتمعة: يا نساءَ النبي: ليست جماعتكن مثل سائر جماعات النساء إن اتقيتن مخالفة حكم الله ورضا رسوله، فلا يكن قولكن لينا كما كانت حال نساءِ العرب حين مكالمة الرجال بترخيم الصوت، ولينه، بل يكون قولكن جزلا، وكلامكن فصلا، حتى لا يطمع من في قلبه مرض الفجور والفسوق وقلن قولًا معروفًا بالصواب في عرف الشريعة وكرام النفوس.
وبالجملة: فالمرأَة تندب - إذا خاطبت الأَجانب والمحرمين عليها بالمصاهرة وغيرها - إلى الجِدِّ في القول من غير رفع صوت، فإن المرأة مأْمورة بخفض الكلام (١) والجد فيه.