وقيل في سبب نزولها: إن عمر رأَى جارية من الأَنصار فضربها، وكره ما رأَى من زينتها، فخرج أَهلها فآذوا عمر باللسان. فأَنزل الله هذه الآية.
وقيل: نزلت في منافقين كانوا يؤْذون عليًّا - كرم الله وجهه - ويسمعونه ما لا خير فيه.
والظاهر عموم الآية لكل ما ذكر، ولكل ما سيأْتي من أَراجيف المرجفين، وفيها من الدلالة على حرمة المؤْمنين والمؤمنات ما فيها.
والمعنى: والذين ينسبون للمؤْمنين والمؤمنات ما يتأَذون به من الأَقوال والأَفعال القبيحة بغير جناية يستحقون بها الأَذية شرعًا (١). ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا﴾ أي: فقد تحملوا بذلك إثم الكذب الفاحش المفتري الذي يبهت المؤمنين والمؤْمنات، أَي: يدهشهم ويحيرهم لفظاعته في الإِثم حيث يحكون أَو ينقلون عنهم ما هم منه براء.
عن أَبي هريرة - رضي الله هـ عنه - أَنه قيل: يا رسول الله ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أَفرأَيت إن كان في أَخي ما أَقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. رواه مسلم.
﴿وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ أي: وتحملوا كذلك ذنبًا ظاهرًا واضح الأَثر بيِّن الخبر. روي أَن عمر بن الخطاب قال لأُبيّ بن كعب: قرأْت البارحة هذه الآية ففزعت منها: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ والله إني لأَضربهم وأَنهرهم. فقال له. أُبيّ: يا أمير المؤمنين لست منهم إنما أنت معلم ومقوِّم. وأُطلق إيذاءُ الله ورسوله في الآية السابقة، وقيد إيذاءُ المؤمنين والمؤْمنات في هذه الآية بقوله - سبحانه -: ﴿بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ لأَن إِيذاءَ الله ورسوله لا يكون أبدًا إلاَّ بغير حق، وأَمَّا إِيذاءُ المؤْمنين والمؤْمنات فمنه حق كالحد والتعزير، ومنه باطل.
(١) وقيل: من الأذية تعيير المؤمن بحسب مذموم أو حرفة مذمومة أو شيء يثقل عليه سمعه.