وقال الكافرون: إن الساعة لا تأْتيهم إنكارًا منهم قيامها، وجحدًا لمجيئها فلما حدث منهم ذلك أَمر الله - سبحانه - رسوله ﷺ أن يقسم لهم بربه - جل علاه - أَنها آتية فقال: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ أَي: سيقع ما تنفون ويحصل ما تنكرون، ووصف - سبحانه - نفسه بأنه عالم الغيب كله، وهذا أَدخل في إقامة الحجة عليهم إذ أن قيام الساعة من أدق الأُمور الغيبية وأَخفاها، ثم أكد ذلك وعززه بأنه لا يبعد ولا يغيب عنه ما مقداره وزن هباءَة أو أصغر نملة كائنة في السموات ولا في الأَرض ولا أَصغر من ذلك ولا أَكبر إلا وهو مسطور مسجل في كتاب واضح بين وهو اللوح المحفوظ، وليقطع الله عليهم طريق اللجاجة والتكذيب أَنذرهم بالجزاءِ على العمل، فالله - سبحانه - بحكمته جعل لكل عمل جزاءً فالمحسن يثاب كما قال تعالى:
أي لتأْتينكم الساعة ليثيب الله - سبحانه - من تمكن الإيمان في قلوبهم فأَثمر الأَعمال الصالحة، والأَفعال المرضية، لهم - دون غيرهم - غفران ما عسى أَن يكون قد وقع منهم من هفوات - فهم بشر - ولهم مع هذه المغفرة العظيمة الواسعة الشاملة رزق واسع طيب حسن في دار النعيم.
أي أن: أُولئك الذين يسعون بالإثارة والإنكار لآيات الله وقرآنه فينسبونه إلى السحر أو الشعر أَو الكهانة أو يقولون عنه إنه أساطير الأولين ظانين إبطال آيات الله أو تعجيزها عن أَن تصل إلى الناس في نقائها وصفائها لتعمل عملها الطيب المبارك في القلوب فتهديها إلى الحق والنور، أو أنهم يعملون على تعجيز المؤمنين عن تكثير أتباعها هؤلاء لهم - دون سواهم - عذاب بالغ السوء في إيلامه.