للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأرسل عليهم سيل المطر الشديد، فاجتاح السد الذي كان ينظم الريّ في البلاد.

وقوله تعالى: ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ معناه: عاقبناهم على إعراضهم وكفرهم وتكذيبهم نبيهم فأَذهبنا جنتيهم، وأَبدلناهم بهما جنتين ذواتي ثمر خمط مُرٍّ لا يستسيغه أَحد، يجمع بين المرارة والحموضة، وشجر آخر لا ثمر له يشبه شجر الطرفاء إلا أَنه أَكبر منه وهو الأثل، وشيءٍ قليل من شجر السدر وهو المعروف بالنبق.

وهذا النوع ينتفع به وله شأْن عند العرب، ولكنه كان قليلًا عقابا لهم، ولو أُطلق لكان نعمة لا نقمة. وقال الأَزهرى: السدر سدران: سدر لا ينتفع به ولا يصلح ورقه للغَسُول، وله ثمرة عَفْصة لا تؤْكل - وهو الذي يسمّى الضال - وسدر ينبت على الماءِ وثمره النبق وورقه غَسُول يشبه العُنّاب.

قال قتادة: كان شجرهم خير الشجر، فصيره الله شر الشجر بأَعمالهم، وتسمية البدل بجنتين للمشاكلة والتهكم.

ولفظ (قليل) إما أن يكون وصفًا لسدر كما تقدم، وإما أن يكون وصفًا للثلاثة ﴿خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾.

١٧ - ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ أي: ذلك العقاب الذي ألحقناه بهم من التبديل بجنتيهم الوارقتين المثمرتين جنتين خبيثتين ذواتي أُكل خمط مرٍّ وأثل لا ثمر له وشيءٍ من سدر قليل لا يغني، أَو لا ينتفع به - ذلك العقاب عاقبناهم به بسبب كفرهم وإعراضهم عن الإيمان وعن شكر النعم، ويجوز أَن تكون الإشارة إلى مصدر الفعل (جزيناهم) أي جزيناهم ذلك الجزاء، وتقديم لفظ (ذلك) وهو مفعول على الفعل العامل فيه وهو جَزى من ﴿جَزَيْنَاهُمْ﴾ للتعظيم والتهويل، أو للتخصيص على معنى: ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لا جزاءً آخر، وما نجازي مثل هذا الجزاءِ ولا نعاقب هذا العقاب الشديد المستأْصل إلا المبالغ في الكفر المصر عليه.