للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى الآية: والله وحده هو الذي أرسل الرياح لتحمل بُخار الماء إلى حيث يتكون سحابًا فتثيره وتفرقه، ويسوقه الله إلى بلد أرضه يابسة لا نبات فيها، فتحيى به الأرض بعد يبسها، كذلك بعث الناس من قبورهم يوم القيامة في السهولة واليسر.

قال أبو حيان: وقع التشبيه (١) بجهات، كما قبلت الأرض الميتة الحياة اللائقة بها، كذلك الأعضاءُ تقبل الحياة، أو كما أن الريح تجمع قطع السحاب، كذلك يجمع الله - تعالى - أجزاء الأعضاء وأبعاض الموتى، أو كما يسوق - سبحانه - السحاب إلى البلد الميت، يسوق - عَزَّ وَجَلَّ - الروح والحياة إلى البدن: أهـ.

وجاء بالمعنى الأخير حديث أبي رُزَين قال: قلت يا رسول الله، كيف يحيى الله الموتى وما آية ذلك أي خلقه؟ قال: يا أبا رُزَين؛ أما مررت بوادي قومك مَحْلًا (٢)، ثم مررت به يهتز خضرا؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فكذلك يحيى الله الموتى، وتلك آيته في خلقه (٣).

[رأي الكلاميين في كيفية البعث]

اختلف علماء الكلام (علماءُ علم التوحيد) في طريقة إعادة الجسم، فقال بعضهم: إنها تكون بإعادة أجزاء المبعوث المتفرقة وضمها بعضها إلى بعض، وقال آخرون: إن الإعادة عن عدم، وقد اعترض على هذا الرأى، بأنها إذا كانت عن عدم، فهذا يؤدى إلى أن يكون البعث إيجادًا لشخص جديد لم يكلف في الدنيا، فكيف يثاب ثواب الأول أو يعاقب عقابه، وقد أجاب أصحاب هذا الرأى بأن الثواب والعقاب للروح، والجسد بدونها لا يحس بعقاب ولا بثواب.


(١) أي: تشبيه النشور.
(٢) أي: جدبا لا نبات فيه.
(٣) ابن كثير، والقرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>