وفسرها الزمخشري بقوله: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ وهو قولهم أي رسول الله ﷺ: شاعر ساحر كذاب، وهذا تكلم بالغيب والأمر الخفي؛ لأنهم لم يشاهدوا فيه سحرًا ولا شعرًا ولا كذبًا، وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة عن حاله؛ لأن أبعد شيءٍ مما جاء به الشعر والسحر، وأبعد شيء من عادته التي عرفت بينهم وجُرِّبت - أبعد شيءٍ من عادته - الكذب والجنون.
ومنع الكفار من تحقيق ما يحبون من قبول إيمانهم في الآخرة، والنجاة من العذاب، كما فعل بأشياعهم من قبل من كفار الأمم السابقين، حيث لم يقبل لهم إيمان بعد خروجهم من الدنيا، إن هؤلاء وأولئك كانوا من تكليفهم في دنياهم في شك قوى من صدق رسلهم فيما بلغوهم عن الله - تعالى -: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ (١).