ومعنى الآية: كل الثناء بالجميل على الله مبدع السموات والأرض بما فيهما أو فوقهما، جاعل الملائكة رسلًا وسفراء بين الله وبين أنبيائه، ليبلغوهم ما أوحاه إليهم، ورسلًا بينه وبين الصالحين من عباده، لإلهامهم ما فيه الخير لهم ولغيرهم، وبينه وبين خلقه ليوصلوا إليهم آثار نعمته أو نقمته، وقد جعلهم ذوى أجنحة مختلفة، اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، يزيد في خلق الملائكة ما يشاءُ عددًا وأجنحة وشكلًا وصورة، أو يزيد في جميع خلقه ما يشاء نوعًا وعددًا وقوة وعقلًا وعلمًا وحسنًا وغير ذلك من الكمالات أو ما يقابلها، مما يناسب كل صنف حسب حكمته - جل وعلا - لا يمنعه مانع من تنفيذ مشيئته إن الله على كل شيء قدير.
المراد بفتح الرحمة: إطلاقها؛ ولذا قوبل بالإمساك، وفي اختيار لفظ الفتح إشارة إلى أن الرحمة من أنفس الخزائن وأعزها منالًا، وتنكيرها لتعميمها في كل فروعها.
ومعنى الآية: ما يطلق الله للناس أي نوع من أنواع رحمته، كالعقل والعلم والحكمة والرزق والأمن والصحة وهدوء السر، فلا أحد يقدر على إمساكه ومنعه عمن كتبه الله له، وأى شيءٍ يمسكه الله فلا أحد يقدر على إرساله من بعد إمساك الله له، وهو القوي الغالب فلا يمتنع له مراد، الحكيم الذي يضع الشيء في موضعه.
أخرج الإمام مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله ﷺ كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول:
"سمع الله لمن حمد، ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد. اللهم أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وأخرج الإمام أحمد بسنده عن ورَّادٍ مولى المغيرة بن شُعبة قال: كتب معاوية إلى المغيرة ابن شعبة: اكتب إليَّ مما سمعت من رسول الله ﷺ فدعاني المغيرة فكتبت إليه أني سمعت