قوله - تعالى -: ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ ابتداءُ قسم، معناه: وأُقسم بالقرآن المحكم، أو المتضمن للحكمة والناطق بها،
وقوله - تعالى -: ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ جواب للقسم معناه: إنك يا مُحمد لمن المرسلين الذين أَرسلهم الله لهداية أقوامهم بدعوتهم إلى الحق، وتوجيههم إلى سبل الخير، والجملة لرد إنكار المشركين المنكرين لرسالته، المتمثل في كثير من كلامهم في مثل قولهم: ﴿لَسْتَ مُرْسَلًا﴾. وفي مثل ما سبق في سورة "فاطر" مما يشعر بأَنهم في قمة العناد، من قوله - تعالى -: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾.
وفي القسم بالقرآن أَولا، ووصفه بالحكمة ثانيًا تنويه بقدره، وإشادة بشأْنه على أكمل وجه، وأَوفى بيان.
وقوله - تعالى -: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ خبر ثان داخل في حيز القسم، أَي: إنك يا محمد لمن المرسلين، وإنك على طريق مستقيم بالغ ذروة الكمال في الاستقامة، والبعد عن الزيغ والانحراف، قائم على العقائد الصحيحة، والشرائع الحقة الشريفة بكمالها، وتضمنها كل خير للإِنسان والإِنسانية كما يفهم من التنكير المفيد للتعظيم والتفخيم، والمقصود من هذه الآية التنويه بشأْنه ﷺ وإعلاءُ قدره، وتقرير أَنه على السنة المثلى والطريق السوي، فإن أَحدا من أَهل النظر لا يجهل أَن المرسلين جميعًا على صراط مستقيم.