أَي: وما تأْتيهم من حجة وعلامة على التوحيد وصدق الرسل إلا كانوا عنها معرضين لا يتأَملونها ولا يقبلونها ولا ينتفعون بها لأن دأبهم الإِعراض عن كل آية وموعظة.
والمراد بالآيات: إِما هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنعه - تعالى - وسوابغ آلائه الموجبة للإقبال عليها والإِيمان بها، وإيتاؤها: نزول الوحي بها، أَي: ما نزل الوحي بآية من الآيات الناطقة بذلك إلا كانوا عنها معرضين على وجه التكذيب والاستهزاء، وإمَّا ما يعمها والآيات التكوينية الشاملة للمعجزات وغرائب المصنوعات، وإيتاؤها: ظهورها لهم، أَي: وما تظهر لهم من آية من الآيات التي من جملتها ما ذكر من شئونه - تعالى - الشاهدة بوحدانيته - سبحانه - وتفرده بالألوهية إلا كانوا عنها معرضين تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدي إِلى الإيمان به ﷿.
الآية الكريمة لذمِّ الكفار على ترك الشفقة على خلق الله إثر ذمهم على ترك تعظيمه ﷿ بترك التقوى، وفي ذلك إِشارة إِلى أَنهم أَخلوا بجميع التكاليف؛ لأَنها كلها ترجع إِلى أمرين: التعظيم لله، والشفقة على خلقه - سبحانه -.
والمعنى: وإِذا أُمر الكفار بالإِنفاق مما رزقهم الله على الفقراء والمحتاجين من المسلمين قال الذين كفروا لمن أَمرهم من المؤمنين بالإنفاق محاجين لهم فيما أَمروهم به: ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾ أَي: هؤلاء الذين أَمرتمونا بالإِنفاق عليهم لو شاءَ الله لأَغناهم ولأَطعمهم من رزقه، فنحن نوافق مشيئَةَ الله - تعالى - فيهم فلا نطعمهم تحقيقًا لمشيئة الله، ما أَنتم في أَمركم لنا بإِطعامهم إلا في ضلال واضح، حيث تأْمروننا بما يخالف مشيئة الله، وقيل: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾: قول الله لهم وهو رأْي ابن جرير،