ذهب معظم السلف إلى أن الله حين يريد أن يخلق شيئًا يصدر في شأنه أمرًا كلاميا هو قوله: ﴿كُنْ﴾ حسب النص ﴿فَيَكُونُ﴾.
والمعنى على هذا الرأي: ما شأن الله تعالى، أو ما أمره إذا أراد إيجاد شيء إلا أن يقول له: كُن فيكون ويحدث استجابة لأمر الله.
وذهب بعض المحققين إلى أنه لا قول أصلًا، المراد بما جاء في الآية تمثيل قدرة الله في تحقيق مراده بأمر الآمر المطاع للمأمور المطيع، في سرعة حصول المراد من غير امتناع ولا توقف، ورجح هذا بأن الأمر الكلامي لا يوجه إلى معدوم، بل إلى موجود.
والمعنى على هذا: ما شأْنه - تعالى - إذا أَراد إيجاد شيء إلاَّ أَن ينفذه فورا في الحين الذي حدده له.
المعنى: إذا كان قد تحقق ما تقدم بيانه من عظيم قدرة الله - تعالى - وأنه إذا أراد شيئًا قال له: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ فتنزيهًا للذي في قدرته الملك التام لكل شيء عمّا نسبوه إليه من عدم قدرته على بعث الخلائق، وإليه ترجعون جميعًا - مؤمنين وكافرين - لا إلى غيره، فيثيب المؤمنين، ويعاقب المنكرين.
واعلم أن الرجوع يوم القيامة سيكون للأرواح والأَجسام على الوجه الذي كانت عليه في الدنيا، ليكون الحساب والجزاءُ لهما جميعًا.
فإن قيل: إنَّ الأجساد تلاشت وتداخلت في تكوين غيرها بعد أن عادت إلى عناصرها الأُولى من تراب وهواءٍ وماءٍ، فقد دخلت في تكوين النبات والحيوان والإنسان، فكيف يمكن إرجاع الأَجساد بعد أن تداخلت في تكوين غيرها.
فالجواب: أن المهم في البعث هو الروح، فهو المسئول الأول عن الأَعمال، وهو الذي يشعر بالنعيم والعذاب، ولولاه لما كان تكليف ولا جزاءٌ، والله تعالى يخلق عند البعث جسدًا