للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتى تنقضي عدتهنن مع أداء جميع حقوقهن المالية، من غير مشاحة ولا تجريح، على حد قوله تعالى: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ (١).

﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارً الِّتَعْتَدُوا﴾:

أي ولا تمسكوهن بالرجعة، مضارة لهن، لتعتدوا عليهن، بإلجائهن إلى الافتداء، أو تطويل عدتهن، حَبْسًا لهن عن الزواج من غيركم.

روى مالك عن ثور بن زيد الدِّيلي: أن الرجل كان يطلق امرأته، ثم يراجعها، ولا حاجة له بها، ولا يريد إمساكها، كما يطوِّل بذلك العدة عليها، وليضارها. فأَنزل الله تعالى:

﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارً لِّتَعْتَدُوا﴾:

وأخرج بن جرير وغيره عن السدي: أن رجلًا من الأَنصار يُدعى: ثابت بن يسار، طلق زوجته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة، راجعها ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر: يضارها. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

والنهي هنا، تأكيد للأمر قبله بالإمساك بمعروف، وتوضيح لمعناه، وزجر صريح عما كانوا يتعاطونه، من تطويل عدتها على نحو ما بينه سبب النزول.

فلا يحل له أن يراجع إلا إذا كان قد اعتزم العدل وأَراده. فإن تعذر قيام الحياة الزوجية، فلا يسوغ له أن يستأنفها: معاندة للزوجة، وعداوة لها. فإن ذلك اعتداءٌ وظلم، ولهذا قال:

﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾:

أي ومن يفعل ذلك الإمساك المؤدي للضرار - اعتداءً وظلمًا في موطن الرحمة - فقد ظلم نفسه: بتعريضها لعذاب الله.

أما قوله تعالى:

﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾:


(١) الأحزاب: ٤٩