هذه الآية من جملة ما مَنَّ الله به على موسى وهارون، وهي في موقعها من تتابع المنن وتساوقها بعد التنجية والنصرة والغلبة ليتم الأَمن والاستقرار، ويتعبد الطريق إلى إنزال الكتاب.
والمعنى: وآتينا موسى وهارون بعد تحقيق ما سبق - آتيناهما - الكتاب المستنير الواضح في تفصيل الشرائع، البين في توضيح الأَحكام، وهو التوراة.
أَي: وأَعقبناهما زيادة في المنَّة ووفرة في الإِحسان والفضل - أعقبناهما - الذكر الحسن والثناء الجميل في الأُمم التي تأْتي بعدهما إلى آخر الزمان بقولهم: ﴿سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ﴾ وما في معناه.
إِنا مثل هذا الجزاء الذي جازينا به موسى وهارون وقومهما من كل ما ذكرنا، وما شهدت به الأَحداث، وصار حديثًا عجبًا بين الناس - إنَّا كذلك نجزي المحسنين منهم ومن غيرهم جزاءً سخيًّا وافيًا، إِنهما من جملة عبادنا المؤمنين المخلصين في العبودية، وكمال الإيمان الذين لا يصدر عنهم إلاَّ العمل الصالح، والسلوك السوي. ولا يقع منهم إِلاَّ ما يقتضي جزيل الثواب وعظيم الجزاءِ.