أَي: المنزِّهون الله عمَّا لا يليق به - سبحانه - ويدخل فيه ما نسبه الكفرة إلى الله - تعالى - وقيل: أَي القائلون: سبحان الله، وأخرج عبد بن حُميد وغيره عن قتادة أَنه قال: المُسبِّحون، أَي: المصلُّون، ويقتضيه ما روى عن ابن عباس: أَنَّ كل تسبيح في القرآن بمعنى الصلاة، والأُسلوب يُفيد أَنهم المواظبون على ذلك من غير فُتور، وخواص البشر لا تخلو من الاشتغال بالمعاش، ولعلَّ الكلام لا يخلو عن تعريض بالكفرة.
قال الزمخشري: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ أَي: الْمُنَزِّهُن، أو المصَلُّون، والوجه أَن يكون وما قبله وهو قوله: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ من كلام الملائكة حتى يتصل بذكرهم في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ﴾ كأَنَّه قيل: وقد علمت الملائكة وشهدوا: أَن المشركين محضرون يوم القيامة لعقابهم، وقالوا: سبحان الله، فنزِّهوه عن ذلك، واستثنوْا عباد الله المخلصين، وبرَّءُوهم منه، وقالوا للكفرة: إنَّكم وآلهتكم لا تقدرون أنْ تفتنوا على الله أحدًا من خلقه وتضلوه، إِلاَّ من كان مثلكم ممن علم الله أَنهم من أَهل النار لكفرهم، وكيف نكون مناسبين لرب العزة ويجمعنا وإياه جنس واحد، وما نحن إلاَّ عبيد أَذلاَّء بين يديه لكل منا مقام من الطاعة لا يستطيع أَن يزلّ عنه خشوعًا لعظمته وتواضعًا لجلاله، ونحن الصَّافُّون أَقدامنا وأجنحتنا لعبادته، مذعنين خاضعين مسبِّحين مُمَجِّدِين كما يجب على العباد لربهم.