للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنه أوصاه بهما وأَلاَّ يدعهما. وأدنى كمالها: أَرْبَع، فسِتٌّ، فثمانٍ.

١٩ - ﴿وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾:

وذلَّلنا لداود الطير وسخَّرناها مجموعة من كل صنف ومكان ﴿كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾ أَي: كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيحه رجّاع إلى التسبيح، قال ابن عباس: كان داود إذا سبَّح جاوبته الجبال، واجتمعت إليه الطير فسبحت معه، فاجتماعها إليه: حشرها.

فالمعنى: وسخَّرنا الطير مجموعة إليه لتسبِّح الله معه، ويجوز أَن يكون الضمير في ﴿كُلٌّ لَهُ﴾ عائدا على الله - تعالى - لا على داود، والمعنى: كل من داود والجبال والطير: أَوّاب لله - تعالى -، أَي: مسبِّح مرجِّع للتسبيح.

٢٠ - ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾:

وقوينا ملك داود بالهيبة، والنّصرة، وكثرة الجنود، ومزيد النِّعمة. قال ابن كثير: ذكر ابن جرير: عن عكرمة: عن ابن عباس : أن نَفَرين من بني إسرائيل استعدى أحدهما على الآخر إلى داود أَنَّه اغتصبه بقرا، فأنكر الآخر، ولم يكن للمدعى بيِّنة، فأَرجأ أمرهما، فلما كان الليل أُمِر داود في المنام بقتل المدَّعِي، فلما كان النهار طلبهما وأمر بقتل المدَّعِي، فقال: يا نبى الله علام تقتلني وقد اغتصبني هذا بقرى؟ فقال له: إنَّ الله - تعالى - أمرني بقتلك فأنا قاتلك لا محالة، فقال: والله يا نبى الله إن الله لم يأْمرك بقتلى لأجل هذا الذي ادعيت عليه، وإنَّى لصادق فما ادَّعيت، ولكنى كنت قد اغتلت أباه وقتلته ولم يشعر بذلك أحد، فأمر داود بقتله فقُتِل، قال ابن عباس: فاشتدت هيبته في بني إسرائيل، وهو الذي يقول الله: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ ولقد ذكر هذا الخبر الزمخشرى والآلوسى. ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ﴾: النبوّة، أو كمال العلم وإتقان العمل، وتطلق الحكمة على إتقان الأُمور، وصاحبها حكيم ﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ أَي: الفصل في الخصومات وعلم القضاء، ورُوى عن علي والشَّعبى: أنه البيِّنة على من ادعى واليمين علي من أنكر، ورُوى عن أبي موسى الأشعرى أنه: أمَّا بعد، ويقول الآلوسي: والذي يترجح عندي أنَّ المراد بفصل الخطاب: علم القضاء