والحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا - كما قال بن الأثير - احتمال اشتمال الرحم على حمل، فإذا انتظرته - هذه المدة - ظهر إن كان موجودًا. كما جاء في حديث ابن مسعود في الصحيحين وغيرهما:"إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُم يُجمَعُ في بطن أُمه أربعين يومًا نُطفةً، ثم يكونُ عَلَقةً مثل ذلك، ثم يكون مُضْغةً مثل ذلك، ثم يُبْعَثُ إليه الْمَلَكُ فينفُخُ فيه الروحَ". فهذه أربعينات بأربعة أشهر. والاحتياط بعدها، لما قد ينقص من بعض الشهور، وانتظارًا لِظُهور الحركة بعد نفخ الروح فيه. والله أعلم بأسرار أحكامه.
أي: فإذا بلغن أجلهن، واستوفين عدة الوفاة الواجبة عليهن - كاملة دون نقص - واستبان حال الرحم، فلم يكن فيه حمل - فلا جناح عليكم - أيها الأولياء المسلمون - فيما فعلن في أنفسهن من زينة وغيرها، مما مُنِعْنَ عنه إِبَّان فترة العدة، إن كُنَّ قد فعلن ذلك بالمعروف، في حدود الشرع الشريف، بأن لم يخرجن عن حدوده، فإن خرجن عنه، فالإثم عليكم أيها الأولياءُ، لأن مراقبتهن واجبة عليكم.
وحداد الزوجة على زوجها - أي ترك الزينة والطيب ونحوه - واجب عليها مدة عدتها التي حددها الله - تعالى - كما ثبت في الصحيحين من غير وجه، من أُم حبيبة وزينب بنت جحش: أُمَّيِ المؤمنين ﵄: أن رسول الله ﷺ قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر: أن تَحُد على ميت فوق ثلاث، إلى على زوجٍ أربعة أشهر وعشرا". وهذا هو رأي جمهور العلماء.
وقال الحسن بن أبي الحسن: ليس الإحداد بشيءٍ، إنما تتربص عن الزوج، ولها أن تتزين وتتطيب.
وهذا رأي ضعيف لمخالفته للسنة.
ثم ختم الآية بقوله تعالى:
﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾:
أي والله عليم بامتثالكم أمره أو مخالفته، مجازٍ لكم حسب عملكم، فاحذروه.