للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحق العدل، "وعيَّنها ثالثًا" بإضافة اسمه - تعالى - (رَبٌّ) إلى الأرض "ربها" لأن العدل هو الذي تزين به الأرض، "ورابعًا" بما عطف على إشراق الأرض من وضع الكتاب والمجئ بالنبيبين والشهداء والقضاء بالحق؛ لأنه كله تفصيل الحق، "وأيدها خامسًا" بالعرف العام فإن الناس يقولون للملك العادل: أشرقت الآفاق بعدلك وأضاءت الدنيا بقسطك، "وسادسًا" بقوله : "الظلم ظلمات يوم القيامة" فإنه يقتضي أن يكون العدل نورًا، "وسابعًا" بأنه ختم الآية بنفي الظلم.

وقال الآلوسي: ولعل الأوفق ما يشعر به كثير من الأخبار أن قوله : ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ إشارة إلى تجليه ﷿ على خلقه يوم القيامة لفصل القضاء، وقد يعبر عنه بالإتيان، وقد صرح به في قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ﴾ (١). ولا يبعد أن يكون هذا النور الوارد في الحديث الصحيح: "إن الله لا ينام ولا ينبغي أن ينام يخفض قِسْطَهُ ويرفعه، ويُرْفَعُ إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور". ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ﴾ أي: وضعت صحائف الأعمال بأيدى الملائكة للحساب، ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ﴾ لِيُسألوا هل بلغوا أممهم، وقيل: ليحضروا حسابهم، ﴿وَالشُّهَدَاءِ﴾ أي: جميع الشهداء من الملائكة. وأمة محمَّد والجوارح والمكان.

وأيًّا ما كان فالشهداء جمع شاهد ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ أي: وقضى بين العباد بالعدل ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ بنقص ثواب أو زيادة عقاب، على ما جرى به وعده - تعالى - لعباده، على أن الظلم لا يتصور في حقه تعالى، فإن الأمر كله له ﷿ وهو أحكم الحاكمين قال تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا (٢) … ﴾ الآية.

٧٠ - ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾:

أي: وأعطيت كل نفس جزاء عملها من خير أو شر كاملًا غير منقوص، وهو - سبحانه - أعلم بفعلهم فلا يفوته شيءٌ من أعمالهم.


(١) سورة البقرة من الآية: ٢١٠.
(٢) سورة الأنبياء من الآية: ٤٧.