حراس الجنة فتحوا أبوابها ووقفوا منتظرين لهم، كما تفتح الخدم باب المنزل للمدعو للضيافة قبل قدومه وتقف منتظرة له، وفي ذلك من الاحترام والإكرام ما فيه ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ﴾ أي: قال لهم حفظتها وحراسها: أمان عظيم عليكم طهرتم في الدنيا من فعل المعاصي وكرمتم في الآخرة بما نلتم من النعيم والكرامة، وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ عطف على فتحت أبوابها وجواب إذا مقدر أي: حتى إذا جاءوها وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب وتلقى الملائكة لهم بالسلام - حتى إذا كان هذا - سعدوا وفرحوا بقدر ما يلقون من نعيم وإكرام، وإذا حذف الجواب في مقام التكريم والإنعام ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل.
واستدل المعتزلة بقوله تعالى: ﴿طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا﴾ حيث رتب فيه الأمر بالدخول على الطيب والطهارة من دنس المعاصي، على أن أحدًا لا يدخل الجنة إلاَّ وهو طيب طاهر من المعاصي، إما لأَنه لم يفعل شيئًا منها أو لأنه تاب عما فعل توبة مقبولة في الدنيا، أما من لم يتب عن معاصيه فلاحظ له في دخولها.
ورد بأنه وإن دل على أن أحدًا لا يدخلها إلاَّ وهو طيب لكن قد يحصل ذلك بالتوبة المقبولة، وقد يكون بالعفو عن أو الشفاعة له أو بعد تمحيصه بالعذاب فلا متمسك فيها للمعتزلة.
والمعنى: يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر، والعطاء العظيم، والنعيم المقيم، والملك الكبير، يفولون عند ذلك: الثناء لله وحده الذي حقق لنا ما سبق إن وعدنا به على ألسنة رسله الكرام، ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾ أرض الجنة التي أقاموا فيها واتخذوها مقرًّا ومتبوأ، وإيراثُها تمليكها وتمكينهم من التمتع فيها تمكين الوارث فيما يرثه، وقيل: ورثوها من أهل النار، فإن كل منهم مكانًا في الجنة كتب له بشرط الإيمان، ﴿نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء﴾