في الفضاء الكوني بقدرة الله التي ربطت بين الكون برابطة الجاذبية، وبما هو فوق مستوى العقول، فسبحان العزيز الحكيم القدير العليم.
ومن العلماء من قال: إنه غير الكرسي وإنه أعظم منه، استنادا إلى حديث أخرجه ابن مردويه بسنده عن أبي ذر قال: قال ﷺ: "والذي نفسى بيده ما السموات السبع عند الكرسى إلاَّ كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسى، كفضل الفلاة على تلك الحلقة".
وظاهر الآية أن الملائكة يحملون العرش حقيقة، ونحن نقول: ما المانع من أن يكون المراد من حملهم إياه كونهم الرؤساء الذين يحملون مسئولية تبليغ أوامر الله لسائر ملائكته في كونه. والله تعالى أعلم.
والملائكة الذين حول العرش كثيرون لا يحصى عددهم سوى الله - تعالى - وقيل: هم سبعون ألف صف يطوفون مهللين مكبرين، ومن ورائهم سبعون ألف صفٍّ قيام قد وضعوا أيديهم على عواتقهم، رافعين أصواتهم بالتكبير والتهليل، ومن ورائهم مائة ألف صف قد وضعوا الأيمان على الشمائل، ما منهم واحد إلاَّ وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر، وقيل غير ذلك.
ولكننا نقول: إن محاولة ضبط أعدادهم من الرجم بالغيب، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾ (١).
والمعنى الإجمالي للآية: الملائكة الذين يحملون عرش الرحمن ويبلغون أوامر ربهم منه، والملائكة المنبثون حول العرش، ينزهون الله - تعالى - عن كل ما لا يليق به، قائمين بحمد ربهم على نعمه التي لا غاية لها، ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا قائلين في استغفارهم: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ فرحمتك تتسع لذنوبهم وعلمك محيط بجميع أعمالهم، فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا عن معاصيهم وآثامهم، واتبعوا ما أمرتهم به من الطاعات، واحفظهم من عذاب الجحيم.