للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ففي كل هذه الأحوال، يصلي الخائف فردًا بلا جماعة، سواءٌ أكان راجلًا أي ماشيًا على قدميه، أم كان راكبًا على أية وسيلة من وسائل الركوب، كالدواب وما استحدثه المخترعون من وسائل الانتقال المختلفة: برًّا وبحرًا وجوًّا، وتكون قبلته حيثما توجه، ويتقلب ويتصرف - بحسب نظره - في نجاة نفسه. ولا يلزمه ركوع ولا سجود إذا كان هذا يضره، ويكفيه عنهما الإيماء بالرأس، بطريقة لا تعرضه للتهلكة.

أما الصلاة التي يكون فيها إمام، وينقسم فيها الناس، فهي غير هذه، وسيأْتي بيانها في سورة النساء، في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ (١).

ولا ينقص عدد ركعات صلاة الخوف عن صلاة المسافر، وهي ركعتان في الرباعية، واثنتان في الصبح، وثلاث في المغرب.

هكذا قال مالك، والشافعي، وجماعة من العلماء.

وقال الحسن بن أبي الحسن وقتادة وغيرهما: يصلي ركعةً إيماءً.

روى مسلم، عن بكير بن الأخنس عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "فرض الله الصلاة على لسان رسول الله في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة".

وضعف هذا الرأي، بأن الأخنس انفرد بهذا الحديث، وليس بحجة عند الانفراد.

والصلاة أولى ما يحتاط فيه.

﴿فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾:

أي فإذا زال خوفكم الذي ألجأكم إلى هذه الصلاة، فاذكروا الله بالشكر، لأجل تعليمه إياكم مالم تكونوا تعلمونه، من صلاة الخوف التي وقع بها الإجزاءُ، ولم تفتكم صلاة من الصلوات، فإن صلاة الخوف المذكورة: هي التي لم يكونوا يعلمونها من قبل. وهذا كما يقول لك قائل: اشكر معلمك كما علمك. أي لأجل ما علمك من العلم، فالكاف للتعليل.


(١) الآية: ١٠٣