الوعد من نصرتك، وإعلاء كلمتك حق وصدق فانتظره ولا تستعجله، وأقبل على التقوى، واستدرك ما حدث منك مما يخالف الأولى بالنسبة لك - استدركه - بالاستغفار ودم على عبادة ربك تسبيحًا وتحميدا وثناء عليه بالعشى "آخر النهار"، والإبكار "الدخول في الصباح" بخاصة، أو في جميع الأوقات، والمراد من التسبيح والتحميد معناهما المعروف، وقيل: المراد بهما الصلاة، فعن قتادة: ركعتان بكرة - صبحا - وركعتان عشيًّا - عصرًا - لأن الواجب بمكة كان ذلك. وبنحوه قال الحسن: ركعتان بكرة وركعتان عشيًا، وحكى في البحر عن ابن عباس أن المراد الصلوات الخمس.
المعنى: إن الذين من شأنهم أن يخاصموا في آيات الله البينات، وبراهينه الواضحات ويجحدونها من غير أن يقوم جدلهم فيها على علم، أو يستند إلى برهان ودليل، لا يفعلون ذلك عن رأى سديد، وليس في صدورهم من ذلك إلا كبرٌ على الحق، وتعظُّم عن التعلُّم، ما هم ببالغى هذا الكِبْر الذي يُدْفَعُ به الحق، أو ما هم ببالغى ما أرادوه من جدلهم من إبطال آيات الله، لأن الله - تعالى - أذلهم، وجعل لك الغلبة عليهم فاستسلموا ودخلوا في دين الله أفواجًا.
قوله - تعالى -: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ توجيه للرسول ﷺ وأمر له أن يلتجئ إلى الله من كيد من يحسده، ودفع من يبغى عليه.
﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ أي: إن الله - تعالى - هو عظيم السمع لأقوالهم وجدالهم، واسع العلم بأحوالهم وأفعالهم.