للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأَمر بهؤلاء أَنهم أَنكروا دلائل قدرة الله ومعجزاته في كونه، والتي أَظهرها - سبحانه - على أَيدي رسله.

١٦ - ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾:

أَي: سلطنا عليهم ريحا شديدة الحرارة، من الصَّر - بفتح الصاد - بمعنى الحر، وقال ابن عباس وغيره: باردة تهلك بشدة بزدها، من الصِّرِّ - بكسرها - وهو البرد الذي يَصِرُّ أَي: يجمع ظاهر الجلد ويقبضه، وقال السدى وغيره: مُصَوِّتةً، من صر يصِر إذا صوَّت.

وروى أنها كانت تحمل العير بأَثْقالها وأحمالها فترميهم بالبحر.

﴿فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ وهي التي جاء ذكرها وبيانها في قوله - تعالى -: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧)(١) أَي: في أَيام مشئومات لأنهم عذبوا فيها، فاليوم الواحد يوصف بالنحس والسعد بالنسبة إلى شخصه، فيقال له: يوم سعد بالنسبة لمن تناله النعماء. ويقال له: يوم نحس بالنظر لمن تصيبه الضراء. وقال ابن عباس الأيام كلها لله - تعالى - خلق بعضها نحوسا وبعضها سعودا ﴿لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ليجرعهم فيها غصص هذا العذاب الذي يصيبهم بالخزى والذل والندم والهلاك، فيجمع الله عليهم عذاب البدن مع آلام النفس وتحسرها وندمها، ولات ساعة مندم ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ أَي: وللعذاب الذي ينالونه ويحيق بهم في الآخرة أشد خِزْيا وذلًّا، إذ يكون على رءوس الأَشهاد، مع كونه شديد الإيلام.

﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (١٨)


(١) سورة الحاقة الآيتان: ٦، ٧.