بعلم وقت قيام الساعة فقد اختص كذلك بعلم ما يخرج من ثمرات من أوعيتها قبل أَن تنشق عنها، وقرء (من ثمرة) على إرادة الجنس. أَما الجمع فلاختلاف الأنواع.
﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾ أَي: وما يحدث من شيء من خروج ثمرة، ولا تحمل من حامل ولا وضع واضع، أَي: ما يحدث شيء من ذلك إلا ملابسا بعلمه - تعالى - واقعا حسب تعلقه به من عدد أَيام العمل وساعاته وأَحواله من النقص والتمام والذكورة والأُنوثة، والحسن والقبح، والسعادة والشقاء، وذكرت هذه الأُمور لمناسبتها لعلم الساعة فإِنه لا يعلم هذا كله إلا الله - تعالى -.
﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي﴾ أَي: واذكر يوم ينادى الله المشركين على رءُوس الأَشهاد قائلا: أين شركائي بزعمكم الذين عبدتموهم في الدنيا. وفيه تهكم بهم، وتقريع لهم.
﴿قَالُوا آذَنَّاكَ﴾ أَي: قال الذين نودوا: أَسمعناك وأَخبرناك.
﴿مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ﴾ أَي: ليس منا أحد يشهد لهم بالشركة إذ تبرأنا منهم لما عاينَّا الحال، أَو ما منا من أحد يشاهدهم لأَنهم ضلوا عنهم حينئذ.
أَي: وغاب عنهم ما كانوا يدعونهم من قبل في الدنيا للعبادة، ويرجون نفعهم، على أَن الضلال بمعناه الحقيقى وهو الذي يقابل الوجدان، أَي: لم يجدوهم حينما طلبوهم للاستنصار بهم أَو ظهر لهم عدم نفع شركائهم، وكان حضورهم كغيبتهم، على أَن الضلال مجاز عن عدم النفع، وأيقنوا ما لهم من مهرب من عذاب الله ونكاله كما قال السدى وغيره. فالمراد بالظن ضد العلم، وكونه بمعنى العلم يقع كثيرا، وقد جاء به القرآن في مواطن، كقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُواللَّهِ .... ﴾ (١) أَي: يعلمون ويوقنون.