رسول الله ﷺ وحيث كان التوكل على الله أمرا: أحدا مستمرًا والإنابة إليه متعددة متجددة حسب تجدد موادها. أوثر في الأول صيغة الماضي وفي الثاني صيغة المضارع. فقيل:(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
أي: ذلكم الله ربي هو خالق السموات والأرض ومبدعهما خلق لكم من جنسكم أزواجًا، وخلق للأنعام أيضا من جنسها أزواجا، أَي: كما خلق لكم في أنفسكم أزواجا وخلق لكم من الأنعام أزواجا (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) أي: يكثركم ويزيدكم فيما ذكر من التدبير، وهو أن جعل - سبحانه - للناس والأنعام أزواجًا يكون بينهم توالد وتناسل. أو جعل التكثير في هذا الجعل لوقوعه بسببه، والضمير في (يَذْرَؤُكُمْ) يرجع للمخاطبين والأَنعام بتغليب المخاطبين العقلاء على الغُيَّب مما لا يعقل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) نفى للمشاركة في كل شأن من الشئون التي من جملتها هذا التدبير البديع السابق، والمراد نفى أن يكون مثله - سبحانه - شيء يزاوجه ﷿ وهو وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها.
والمعنى: ليس كذاته شيء بإرادة الذات من (المثل) كما قيل، وعلى هذا لا فرق بين (ليس كذاته شيء) وبين (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) في المعنى، إلا أن الثاني كناية مشتملة على مبالغة هي أن المماثلة منتفية عمن يكون مثله وعلى صفته فكيف عن نفسه. وهذا لا يستلزم وجود المثل إذ الغرض كاف في المبالغة، ومثل هذا شائع في كلام العرب كما يقولون: مثلك لا يبخل، يريدون به نفى البخل عن ذاته ويقصدون المبالغة في ذلك بسلوك طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمن يماثله فرضا فقد نفوه عنه بطريق أولى. وقيل: يراد بالمثل الصفة، أي: ليس كصفته صفة (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) أي: المدرك إدراكا تاما لجميع المسموعات ولجميع المبصرات أو الموجودات.
أي: له ﷾ مفاتيح خزائنهما، ومن يملك المفاتيح يملك الخزائن حفظًا وتدبيرا، وهو ﷿ يوسع الرزق لمن يشاء ويضيقه على من يشاءُ حسبما تقتضية الحكمة العالية، والعدل التام.