للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: وما صح وما استقام لفرد من أفراد البشر أن يكلمه الله إلاَّ نفثا وإلقاء في قلبه مناما - كما حصل لإبراهيم حينما أمر بذبح ولده قال - تعالى - حكايته عن ذلك: ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ (١).

وقد حصل الوحى بالنفث والإلقاء في القلب لرسولنا فقد ورد أنه قال: "أن روح القدس نفث في رُوعِي أن نفْسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجْمِلوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حَرُمَ".

﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ أي: أن يسمع الرسول الكلام من غير أن يبصر من يكلمه والمراد أن السامع محجوب عن رؤية ربه - جلت قدرته - في الدنيا أما في الآخرة فيمنحها الله للذين قال في حقهم: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (٢).

وقد حصل الوحى من وراه حجاب لموسى في بدء رسالته وقد رأى نارا فطلب من أهله المكث والبقاء في مكانهم حتى يستطلع الأمر قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ (٣) وقد حدث ذلك له أيضًا عند مجيئه لميقات ربه قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ (٤) الآية أما رسولنا فقد كلمه ربه من وراء حجاب ليلة الإسراء والمعراج عند فرض الصلاة ومراجعته ربّه ﷿ في التخفيف عن أمته في عدد الصلوات.

كما كلم الله ملائكته من وراء حجاب في أمر خلق آدم وجعله خليفة في الأرض، قال تعالي: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (٥).


(١) سورة الصافات، من الآية ١٠٢.
(٢) سورة القيامة الآيتان ٢٢، ٢٣.
(٣) سورة طه الآية ١١ وجزء من الآية ١٢.
(٤) سورة الأعراف من الآية ١٤٣.
(٥) سورة البقرة من الآية ٣٠.