أي: ولئن سألت العابدين والمعبودين عمن خلقهم ليقولن: خلقنا الله لا الأصنام ولا الملائكة لتعذر المكابرة في ذلك مع فرط ظهوره ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾:
أي: فكيف يُصرفون عن عبادته ويصرفون عنها إلى عبادة غيره، ويشركونه معه ﷿ مع إقرارهم بأنه - تعالى - خالقهم جميعًا، أو مع علمهم بإقرار آلهتهم بذلك والمراد التعجب من إشراكهم مع رجاء شفاعتهم لهم وهم يعترفون بأن الله خالقهم، وقيل المعنى: ولئن سألت الملائكة وعيسى (من خلقهم) لقالوا: الله، ومعنى (فأنَّى يؤفكون) أي: فكيف يؤفك هؤلاء المشركون ويصرفون وينقلبون عن الحق في ادعائهم إياهم آلهة.
الكلام خارج مخرج التحزن والتحسر والتشكى من عدم إيمان أولئك الذين أشركوا بالله، أي: وعند الله علم الساعة، وعدم قول الرسول ﷺ -: (يارب إن هؤلاء .. ) الآية بعطف قيله علي الساعة من قوله - تعالى -: (وعنده علم الساعة) وقيل: إن الواو للقسم، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ جوابه، وفي الإقسام به من رفع شأنه ﵇ وتفخيم دعائه والتجائه إليه - تعالى - ما لا يخفى.
وخلاصة المعنى: أن رسول الله ﷺ التجأ إلى ربه يشكو قومه الذين كذبوه، وعبدوا غير الله. بما يشير إلى التحسر والتحزن والتشكّى من عدم إيمانهم، وأشار ﵇ إليهم بهؤلاء، دون قومى، تحقيرًا لهم، وبراءة منهم لسوء حالهم.
والمراد من الإخبار بعلمه أنهم لا يؤمنون وعيده إياهم حيث تمسكوا بشركهم، وأبوا أن ينقادوا لدعوة الإيمان.