أَي: اختبار ظاهر وامتحان واضح من النعمة أَو الشدة؛ لأَن البلاءَ يكون بالشدة والرخاء، والحرمان والعطاء ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ (١) وما كان من هذه الآيات لموسى ﵇ فهو لهم، أيضًا، ومن أَجل هدايتهم وإِيمانهم، فهو من جملة ما أُوتوه في الجملة.
وهكذا عرضت الآيات الشريفة في ثنايا الكلام عن مشركى مكة فتنة قوم فرعون - ونظمتها - في مراحل ثلاث:
(الأُولى): إرسال موسى ﵇ إِليهم ودعوته إِياهم من قوله تعالى: ﴿وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾.
(الثانية): دعاؤه عليهم بعد أَن استيأَس من طاعتهم، وضاق بعنادهم وكفرهم واستئصالهم بالغرق وانتقال أَموالهم إلى بنى إسرائيل، من قوله تعالى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾.
(الثالثة): ما كان نتيجة طبيعية لهلاك فرعون وقومه من نجاة بني إسرائيل واصطفائهم على عالمى زمانهم أَو بكثرة أَنبيائهم، وإيثارهم بملك فرعون في الأرض المباركة بالشام على علم وبصيرة بأَحوالهم. من قوله - تعالى -: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾.