على أَن لها خالقا قادرا. ومدبّرا حكيما، وعالما بصيرا - لآيات - ينتفع بها الذين يطلبون الإِيمان، وينشدون الهداية، ويحسنون التدبّر في الآيات، والإِذعان للمعجزات.
المعنى: وفي خلق الله إياكم، وما ينطوى عليه هذا الخلق من بدائع الصنعة، وعجائب الخلقة، واختلاف الأشكال والأَلوان، والأَلسن والأَجناس، وما يتعاقب عليكم من أحوال وأطوار، منذ أول نشأَتكم، وأَنتم أَجنَّة في بطون أُمهاتكم حتى انتهاء آجالكم، وفي خلق ما يبثّ من دابة، وما ينتشر على الأَرض من أَجناس الحيوانات، وأَصناف الحشرات مما يمشي على بطنه، وما يمشي على رجليه، وما يمشي على أربع أو أكثر، مع اختلاف منافعها، والمقاصد المطلوبة منها - إن في هذا كلِّه - دلائل وبراهين لقوم يطلبون الاطمئنان على وجود الصانع الحكيم، وينشدون اليقين والاستقرار ليصل بهم ذلك إلى الإيمان والتوحيد، والتزام الطاعة، والسلوك السديد.
أَي: وفي اختلاف أَحوال الليل والنهار من التعاقب والطول والقصر، والحرّ والقرّ والنور والظلمة، وما يتبع ذلك من تغاير الفصول، واختلاف المنافع، والمقاصد، وفيما ينزل من السماء من مطر تحيا به الأَرض بعد يبسها وجفافها، فينبت الزرع، ويَحْفُل الضرع، وتجرى الأَرزاق، وتعمر الآفاق، وفي تصريف الرياح فتهب مرة جنوبا وأُخرى شمالا، وحينًا صَبًا بالرحمة وماءِ السحاب، وحينًا دَبُورا تبعث العذاب، وفيما تؤَديه من تزاوج النبات، وتيسير سير السفن في الأَنهار والمحيطات - إن في هذا كله - شواهد صدق وآيات حق لقوم يعقلون الآيات والأدلة، ويحسنون الانتفاع بالعقل فيديرون فيها الفكر والرأْى، ليعلموا أن لهذه الأشياء صانعا حكيما، وخالقا قادرا عظيما.
وفي تنكير الآيات في المواضع الثلاثة تنبيه إلى كثرتها، تفخيمها كمًّا وكيفا،