للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد نص القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة، على أن الله لا يأذن بالشفاعة إلا لمن ارتضى من عباده كالملائكة. وعلى أن الشفاعة العظمى لسيدنا محمد (١)

وجملة ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾: فيها رد على المشركين، حين قالوا عن الأوثان: ﴿ … هَؤلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ .. ﴾ (٢).

وفيها وعيد للمستخفين بأوامر الله تعالى، المُصِرِّين على المعصية، اتكالا منهم على أنه سيُشفع لهم، وذلك بإقناطهم من قبول الله لشفاعة أحد عنهم.

﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾:

والله تعالى يعلم أمور الدنيا والآخرة: ظاهرة كانت أو خفية. فاحذروا أن تقعوا في المعاصي التي لا تغني فيها شفاعة الشافعين.

﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾:

أي أن الخلق لا يعرفون أي شيء من معلومات الله - سبحانه - إلا ما يشاء لهم أن يعرفوه: بفضله وتوفيقه.

﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾:

سعة الكرسي للسموات والأرض: كناية عن نفوذ سلطان الله تعالى فيهما، وسعة علمه لهما، ولجميع ما فيهما. فإنه تعالى أحاط بكل شيءِ علما.

فإن أُريد بالكرسي: الفلك المحيط بالسموات والأرض - كما قال بعض العلماء - فسعته لهما، على الحقيقة.

وقد أَخذوا ذلك من ظاهر النص، ومن حديث رواه ابن مردويه عن أبي ذَرّ قال: قال :"والذي نفسي بيده، ما السموات السبع، والأَرضون السبع عند الكرسي إلا كحَلْقةٍ ملقاةٍ بأرض فلاة. وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحَلْقة" (٣)


(١) راجع تفسير الآية ٤٨ من سورة البقرة.
(٢) يونس من الآية: ١٨
(٣) الحديث المذكور أورده ابن كثير في تفسيره: ١ - ٣١٠ وقد عزاه إلى أبي بكر بن مردويه بسنده إلى أبي ذر أنه سأل النبي عن الكرسي، فقال رسول الله : الحديث.