أي: وإذا تقرأ - يا محمد - كل هؤلاء الكفار المعاندين آياتنا المنزلة عليك - وهي واضحات ظاهرات لا لبس فيها ولا غموض، أو مظهرات ومُبيِّنَات لما أنزلت في شأنه من الأمور التي يلزم إظهارها وبيانها، قال الذين كفروا وجحدوا هذه الآيات دون تدبر وتأمل -: ﴿هذا سحر مبين﴾ أي: ما جئت به - يا محمد - سحر واضح بين، وذلك لأنهم عجزوا عن الإتيان بمثلها، وإذا سمعها غير المعاند آمن بها، فلهذا قالوا عنها: إنها سحر بين؛ لأنها تأخذ بألباب العقلاء فيؤمنون.
في هذه الآية الكريمة ينكر الله عليهم ويوبخهم على شناعة قولهم: إنه ﷺ افترى وكذب على الله - جل شأنه - ونسب إليه القرآن.
أي: بل أيقولون افترى محمَّد على ربه القرآن ونسبه إليه؟ قل لهم - مسفها -: لو افتريتُه ونسبتُه زورًا وبهتانًا إلى ربي - كما تزعمون - لعاجلني الله بعقوبة هذا الكذب، وأنتم لا تقدرون على منع ربي - جل شأنه - وكفه عن معاجلتي، ولا تستطيعون دفع شيء من عقابه عني، فكيف أفترى القرآن على الله وأتعرض لعقابه؟ أيفعل ذلك من لديه بقية من عقل؟!.
﴿هو أعلم بما تفيضون فيه﴾ أي: هو - سبحانه - عليم بالذي تأخذون وتندفعون بحماقة وتسرع في القدح والذم والطعن فيه، وتسميته سحرًا تارة وافتراءً تارة أخرى إلى غير ذلك من ضروب النيل من كتاب الله.
﴿كفى به شهيدًا بيني وبينكم﴾ أي: يكفيني ويملأُ قلبي اطمئنانًا أن الله - سبحانه - شهيد بيني وبينكم، يشهد لي بالصدق فما أُبلغه لكم عنه، ويشهد عليكم بالجحود، والنكران والكفر.