وجاء في كتاب روح المعاني للعلامة الآلوسي: وزعم مروان - عليه ما يستحق - أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ﵄ وردت عليه السيدة عائشة ﵂ أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله [بن المدائني] قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله - تعالى - قد أرى لأمير المؤمنين - يعني معاوية - في يزيد رأيًا حسنًا، أن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر، فقال عبد الرحمن ابن أبي بكر: أهرقلية؟ إن أبا بكر ﵁ والله ما جعلها في أحد من ولده، ولا لأحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: ﴿أف لكما﴾؟ فقال عبد الرحمن: ألستَ ابن اللعين الذي لعن رسولُ الله ﷺ أباه؟ فسمعت عائشة ﵂ فقالت: مروان، أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟ كذبت - والله - ما فيه نزلت. نزلت في فلان بن فلان.
ومعنى الآية: أن هذا الولد الكافر باللهِ المنكر للبعث، قال لوالديه وقد دعواه إلى الإيمان بالبعث: إني أتضجر منكما، وأضيق بما تُلقيان على مسامعي من سقط القول وسخف الكلام، أتعدانني وتخبرانني أن أُخرج حيا من قبري، وأبعث بعد موتي؛ وقد مضت القرون والأزمان ولم يبعث أحد من قبره يخبرنا بذلك؟ وكأن هذا العاق قد تمثل بقول القائل:
ما جاءنا أحد يُخبرُ أنه … في جنَّةٍ لما مضى أو نارٍ
ولكن شفقة الوالدين وفرط حنانهما عليه دفعهما إلى الالتجاء إلى الله والاستغاثة به رجاء أن يغيثه بالتوفيق حتى يرجع عما هو فيه من الضلال والكفر وإنكار البعث؛ وحملهما ذلك أيضًا على أن يحضانه على الإيمان باللهِ ويحذرانه مغبة ما هو مقيم عليه، فيقولان له: ﴿ويلك آمن إن وعد الله حق﴾ أي: هلاكًا لك إن أصررت على ما أنت عليه من الكفر، صدق بالله وبالبعث، فإن وعد الله حق لا يتخلف، فأولى لك أن تقبل على ما دعوناك إليه من الإيمان، ولكن هذا الشقي الفاجر - مع الحث والتحذير له من والديه - يصر ويقول: ﴿ما هذا إلا أساطير الأولين﴾ أي: ما هذا الذي تسميانه وعد الله إلا إباطيل وأكاذيب السابقين الأولين قد كتبوها وسطروها من غير أن يكون لها حقيقة.