ويجوز أن يكرن استغفاره ﷺ من قبيل ترك الأولى بالنسبة إلى منصبه الجليل مما يمكن أن يكون بالنسبة لغيره من أجلّ الحسنات، من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ومهما يكن أو يُقَلْ فإن النبي ﷺ يؤدى لله جميع الطاعات، ويتضرع برفع الدعوات أداء لشكر آلائه، ورفعًا لدرجاته، وإرشادًا للمؤمنين.
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾: والله يعلم أطواركم في الدنيا ومراحلكم فيها، فإنها أطوار ومراحل لابد من قطعها لا محالة، يستقيم فيها من يستقيم، ويضل من يضل، ويعلم مثواكم ومستقركم في الآخرة، أهل النعيم في دار النعيم، وأهل العذاب في الجحيم، فإن الآخرة هي العقبى، وهي منازلكم، ومواطن إقامتكم فلا يأمركم إلا بما هو خير لكم فيهما فبادروا إلى الامتثال بما أمركم به في المقامين، فإنه زادكم عند من لا تخفى عليه أحوالكم.
وخص المتقلب في الدنيا، والمثوى في الآخرة، لأن الدنيا دار حركة دائبة، وتقلب مختلف لطلب الرزق وغيره، أما الآخرة فدار سكون واستقرار، لا تقلب فيها ولا مدار. فالرزق فيها موفور والنعيم مقيم.