التكاليف والأوامر والنواهى، التي من جملتها الجهاد، ونعلم الصابرين على مشاقها، الصادقين في أدائها، وتظهر أحوالكم وأخباركم فيترتب على هذا جزاؤكم العادل الذي تشهد به أعمالكم، وتصدقه جوارحكم، يوم تشهد عليكم ألسنتكم وأيديكم وأرجلكم بما كنتم تعملون.
هذه الآية وعيد لمن يكشف الامتحان حقيقة كفره، ويفضح قبح طويته.
والمعنى: إن الذين كفروا فأنكروا وحدانية الله، وعارضوا رسالة محمَّد ﷺ وصدوا الناس عن اتباعه وشاقوه، وبالغوا في عداوته وعناده حتى صاروا في شق غير شقه من بعد ما تبين لهم الهدى في معجزاته الحاسمة في صدقه، القاطعة برسالته، ومن بعد ما علموا من نعوته ﷺ التي صرَّحت بها كتبهم، وتحدثوا بها هم أنفسهم، إن هؤلاء أيًّا كانوا ومهما كانوا لن يضروا الله بكفرهم ومشاقتهم وعنادهم شيئًا من الأشياء، أو شيئا من الضرر، والله بالغ أمره لأنه هو القادر الغالب، وسيبطل مكايدهم التي نصبوها لإبطال دينه، ومشاقة رسوله، ويضيع ثواب ما عسى أن يكونوا عملوه من صالحات في دنياهم.
هذه الآية من جملة ثمرة الابتلاء وغايته، فكما هددت الآية قبلها الكافرين وأوعدتهم جاءت هذه الآية تنبه المؤمنين إلى مداومة الطاعات والحرص على سلامتها.
والمعنى: يا أيها الذين صدقوا في إيمانهم وتمحيص عقيدتهم، وسلكوا مسالك الطاعة، داوموا على هذه الأعمال الصالحة واحرصوا على سلامتها لتنالوا ثوابها، فلا تُلْبِسُوها غشًّا ولا نفاقًا، ولا تخلطوها بِعُجْب أو رياء، ولا تذهبوا بها مذهبا يأكل الحسنات من منٍّ أو أذى.
قيل: إن ناسًا من بني أسد قد أسلموا، وقالوا لرسول الله ﷺ: قد آثرناك، وجئناك بنفوسنا وأهلينا. كأنهم يمنُّون، فنزلت.