الخطاب هنا للمؤمنين، أي: إذا علمتم أن الله - تعالى - مبطل أعمال الكافرين ومعاقبهم وخاذلهم في الدنيا والآخرة، فلا تبالوا بهم ولا تظهروا ضعفًا أمامهم وتدعوا إلى المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبينهم، فأنتم الذين قدر الله لهم النصر والغلبة. قال ابن كثير: أما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمامُ في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله ﷺ عام الحديبية، حين صده كفار قريش عن دخول مكة للعمرة، ودعوه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين فأجابهم ﷺ إلى ذلك، بل وسمى الله ذلك الصلح فتحًا مبينا، وقوله - جلت قدرته -: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ بشارة عظيمة بالنصر على الأعداء والظفر بهم؛ لأن من كان في معية الله ومصاحبته لا يخذل ولا يذل ولا ينتصر عليه مخلوق.
وقوله - تعالى -: ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ أي: ولن يحبط أعمالكم ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئًا.