﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي﴾، فكلمة ﴿النَّاسُ﴾ عامة، تشمل أمة الدعوة المكلفين: من آمن منهم ومن لم يؤْمن، من الموجودين في عهد النبي- ﷺ ومن سيوجد بعدهم إلى يوم القيامة؛ لعموم الرسالة المحمدية.
وقد دخلوا في الخطاب -وهم غير مخلوقين فى وقت الخطاب- تغليبا للموجودين على من سيوجدون، ويكون الأمر بقوله: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ بالنسبة للمؤمنين، بمعنى داوِموا على عبادته، وبالنسبة إلى غيرهم، بمعنى حصِّلوا العبادة وأنشئوها.
والعباده المطلوبة؛ هي الطاعة المبنية على حبِّ المعبود، لا يشاركه فيها غيره؛ لأنه المستحق لها وحده؛ لانفراده بالخلق والربربية وكامل الإنعام، مع القدرة الشاملة وعظيم السلطان.
وليست العبادة مقصورة على نحو الصلاة والصوم والزكاة،، بل تشمل كل عمل يعمل لنفع الناس والحيوانات، إذا أريد به وجه الله.
فالعامل الذي يخلص في عمله لأبناءَ وطنه ويرجو به رضا الله يكون عابدا وعملُه عبادة.
وإطعام الحيوانات والعناية بها امتثالا لأمر الله عبادة.
وقد اقترن الأمر بالعبادة بذكر أرصاف المعبود، التي من شأنها أن نحملهم على عبادته،
لتعدى أثرها لهم.
فقوله: ﴿رَبَّكُمُ﴾ يفيد أَنه تعالى مربيهم رمتعهدهم بالتكميل المستمر.
وقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ تذكير لهم بأوَّلِ نِعَمه عليهم، وهي الخلق من العدم، لهم ولَابائهم من قبلهم، ونعمة الآباو نعمة للأبناءٌ، إِذ لولا خلق آبائهم لما وجدوا.