قال ابن كثير: قال قتادة: إن في طلب إخراج المال إخراج الأضغان. وصدق قتادة؛ فإن المال محبوب ولا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه.
وذكر الزمخشرى في تفسير قوله - تعالى -: ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ أي: تحقدون على رسول الله وتضيق صدوركم لذلك، وتظهرون كراهتكم ومقتكم لدين يذهب بأموالكم.
وقال سفيان بن عيينة: أي: لا يسألكم كثيرا من أموالكم، إنما يسألكم ربع العشر، فطيِّبوا أنفسكم.
﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾ أي: أنتم أيها المخاطبون هؤلاء الموصوفون بما تضمنه قوله - تعالى -: ﴿إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا﴾ … إلخ. وكررت هاء التنبيه للتأكيد.
﴿تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾: استئناف مقرر ومؤكد لا قبله لاتحاد معناهما، فإن دعوتهم للإنفاق معناه سؤال الأموال منهم، وأنَّ بخل ناس منهم معناه عدم الإعطاء المذكور، والإنفاق في سبيل الله الذي دعى المخاطبون إليه هو الإنفاق المطلوب شرعًا مطلقًا، فيشمل النفقة للعيال والأقارب، والجهاد في سبيل الله وإطعام الضيوف والزكاة، وليس خاصا بالإنفاق في الغزو أو بالزكاة كما قيل.
﴿فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ أي: فمنكم ناس يبخلون ويمتنعون عن الإنفاق في سبيل الله وأوجه الخير، والذي يبخل عن بذل المال وإنفاقه في سبيل الله لا يضر إلا نفسه؛ لأنه سيحرمها من ثواب البذل، ثم أخبر - سبحانه - أنه لا يأمر بالإنفاق ولا يدعو إليه لحاجته له، ولكن لحاجتكم أنتم واحتياجكم للثواب وقال: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾:
أي: والله - سبحانه - هو الغني الحقيقى بالذات لا غيره، وأنتم الفقراء بالذات الكاملون في الفقر، فما يأمركم به - سبحانه - فهو لخيركم ومصلحتكم لاحتياجكم