للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"إن الله لا يحِبُّ كل مُختال مخورٍ" فأغلق بابه وطفق يبكي، ففقده النبي فأرسل إليه فأخبره، فقال: يا رسول الله، إني أحب الجمَال وأحب أن أسود قومى، فقال: "لست منهم، بل تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا وتدخل الجنة" قالت: فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مُسَيلمة (١)، فلما التقوا انكشفوا، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله ثم حفر كل واحد منهما له حفرة، فثبتا وقاتلا حتى قُتِلَا، وعلى ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمرَّ به رجل من المسلمين فأخذها، فبينما رجل من المسلمين نائمٌ أتاه ثابت في منامه فقال له: أُوصيك بوصية، وإيَّاك أن تقول: هذا حلم فتضيعه، إني لمّا قُتلت أمس مَرّ بي رجل من المسلمين فأخذ درعى، ومنزله في أقصى الناس وعند خبائه فرس يستَنُّ في طِوَله (٢)، وقد كفأَ على الدرع بُرْمَة، وفوق البرمة رَحْل، فائت خالد بن الوليد فمره أن يبعث إلى درعى فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله - يعني أبا بكر - فقل له: إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان، فأتى الرجل خالدًا فأخبر، فبعث إلى الدرع فأتى بها، وحدث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته - قال -: ولا نعلم، أحدًا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت.

رأينا في تعدد أسباب للنزول:

لا نرى مانعًا من أن تكون الآية بسبب رفع الصوت على رسول الله من كل من أبي بكر وعمر وثابت بن قيس أو غيرهم؛ لتكون قاعدة عامة في مخاطبة النبي توقيرًا له، ورفعًا لمقامه فوق كل مقام.

وكلُّ ما حدث من رفع الصوت على الرسول قبل نزول هذه الآية لا عقاب عليه، فلما نزلت وجب الالتزام بها.

معنى الآية:

يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله: عظموا رسول الله إذا حدثتموه، فلا ترفعوا أصواتكم فوق صوته، فإذا نطق ونطقتم فعليكم أن لا تبلغوا بأصواتكم الحد الذي يبلغه


(١) هو مسيلمة الذي ادعى النبوة كاذبا، وكان خالد بن الوليد قائدا للجيش الذي يقاتله.
(٢) أي: وعند خيمته فرس مربوط بحبل طويل يمرح فيه في المرعى.