للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولهذا ذكرت القصة الثانية بين قصتي إبراهيم . قال تعالى:

﴿وَإِذْقَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾:؟

والمعنى: واذكر يا محمد، حين نادى إبراهيم ربه، طالبا منه أن يريه - عمليًا - كيفية إحياء الموتى.

والسؤال يدل على أنه يؤمن بإحياء الموتى، ولكنه يطلب رؤية طريقة الإحياءِ عمليًا، ليزداد إيمانًا ويقينًا.

﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾:؟

أي لقد آمنت .. فلماذا تسأل هذا السؤال؟.

﴿قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾:

اعْلَمْ أن الله تعالى عليم بإيمان نبيه وخليله إبراهيم، وليس بحاجة إلى استفهام عنه. لكن الحكمة في ذلك: أن يعلن إبراهيم إيمانه العميق بقدرة الله، حتى لا يتطرق إلى الأذهان، أن إبراهيم حين سأل ذلك - خطر له أي شك في الله.

فالسؤال في الحقيقة: سؤال تقرير.

ولهذا أجابه إبراهيم مؤكدا إيمانه، نافيًا عن نفسه أية خاطرة من الشك أو الارتياب.

فقال: بلى. آمنت. ثم علل سؤاله لربه بحرصه على الاطمئنان القلبي - عن طريق المشاهدة والعيان، إلى جانب طريق الوحي والبرهان - ليزداد ثباتًا فوق ثبات.

والله يثبت إيمان أنبيائه وأوليائه دائمًا فيقول: ﴿ … كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ (١).


(١) الفرقان: من الآية ٣٢