يدل على أنها ليست من طين أرضنا، وقيل: مسومة، أي: مرسلة، من: أُسيمت الإبل إذا أرسلت من (عند ربك للمسرفين) أي: أنها معدَّة في علم الله للمُجاوزين الحدّ في الفجور، التَّاركين ما أحل الله لهم من الطيبات، المقبلين على ما حرّم الله من الخبائث، حيث كانوا يأتون الذُّكران من العالمين مع كفرهم وشركهم.
ووضع الظاهر موضع ضميرهم في قوله - تعالى -: (للمسرفين) ذمًّا لهم بالإسراف بعد ذمّهم بالإجرام وإشارة إلى علَّة الحكم.
٣٥، ٣٦ - (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ): هذا الكلام حكايته من جهته - تعالى - لما جرى على قوم لوط ﵇ بطريق الإجمال بعد حكايته ما جرى بين الملائكة وبين إبراهيم ﵇ من الكلام، والفاء مفصحة عن جُمَل لم تذكر اكتفاء بذكرها في مواضع أخر، كأنه قيل: فقاموا من عنده وجاءوا لوطا فجرى بينهم وبينه ما جرى، فباشروا ما أُمِرُوا به فذلك قوله - تعالى -: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين) أي: فأخرجنا من كان في قرى قوم لوط ممن آمن بلوط ﵇ فما وجدنا فيها غير أهل بيت من المسلمين، والمراد بهم - كما أخرج ابن المنذر عن مجاهد - لوط وابنتاه، وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه قال: كانوا ثلاثة عشر. "آلوسى".
واحتجّ بهذه الآية من ذهب إلى رأى المعتزلة الذين لا يفرقون بين الإِسلام والإيمان لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين؛ لأن المعنى: فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فلم يكن المُخرَج إلاَّ أهل بيت واحد. وبهذا الرأى أخذ بعض أهل السنة ومنهم البخاري. قال ابن كثير: وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأن هؤلاء كانوا قومًا مؤمنين. وعندنا: أَنَّ كل مؤمن مسلم ولا ينعكس، فاتَّفق الاسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال. اهـ: ابن كثير ص ٢٣٦.
والوجدان في قوله - تعالى -: (فما وجدنا) معناه: العلم - على ما قاله الراغب - وذهب بعض الأجِلَّةِ إلى أنه لا يقال: ما وجدت كذا إلاَّ بعد الفحص والتفتيش، وحُمِل عليه معنى الآية، أي: