للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية الكريمة تفسير إلى أن الكسب بمنزلة الدَّين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا يفك الرهن ما لم يؤد الدَّين، فإن كان العمل صالحًا فقد أدّى؛ لأن العمل الصالح يقبله ربُّه - سبحانه وتعالى - ويصعد إليه - عز وجل - وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه - سبحانه - غير الطيب، أخرج سعيد بن منصور وابن جرير والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: "إن الله ليرفع ذريَّة المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقرّ بهم عينه، ثم قرأ الآية" وفي رواية الطبراني وابن مردويه عنه أنه قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخل الرجل الجنَّة سأل عن أبويه وزوجته وولده فيقال له: إنَّهم لم يبلغوا درجتك وعملك، فيقول: يا ربّ قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به، وقرأ ابن عباس الآية".

والآية على ما ذهب إليه كثير من المفسِّرين في الكبار من الذُّريَّة، وقال منذر بن سعيد: هي في الصِّغار.

ورُوي عن الحبر والضحاك أنهما قالا: إنَّ الله يلحق الأبناء الصغاري وإن لم يبلغوا زمن الإيمان بآبائهم المؤمنين، وجعل {بِإِيمَانٍ} على هذا الرأي متعلقًا بألحقنا، أي: ألحقنا بالآباء المؤمنين الصالحين ذُريتهم الصِّغار الذين لم يبلغوا التكليف - أو كانوا كبارًا مكلفين مؤمنين ولكنهم لم يبلغوا درجة آبائهم في العمل الصالح، والبعد عن المعاصي - آلحقناهم بآبائهم في درجتهم في الجنة إكرامًا لهم، ولنكمل بهم مسرتهم:

٢٢ - {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}:

أي: وزدناهم على ما كان لهم من مظاهر النِّعم في وقت بعد وقت بفواكه كثيرة ولحوم من أنواع شتى مما يُستطاب ويُشتهى وإن لم يُصَرِّحوا بطلبه.

٢٣ - {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}:

أي: يتجاذبُون في الجنة - تجاذبُ مُلاطفة ويتعاطون تعاطي توادّ - كأسًا مليئة بالشراب لا يكون منهم بِشُرْبها كلام باطل من لغو الحديث وسقط الكلام ولا عمل فاحش يستوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>