للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧ - {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}:

أي: ما عدل بصر الرسول - عليه الصلاة والسلام - عن رؤية العجائب التي أُمر برؤيتها، وما تجاوز ما أُذن له في رؤيته ولا تعداه إلى سواه، فقد أثبت ما رآه إثباتا مستيقنًا صحيحًا من غير أن يزيغ بصره أو يتجاوزه، وهذه صفة عظيمة في الثبات والطاعة، فإنه ما فعل إلا ما أمر به، ولا يسأل فوق ما أعطى له، ولله درّ القائل:

رأى جنة المأوى وما فوقها ولو ... رأى غيره ما قد رآه لتاها

١٨ - {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}:

أي: لقد نظر وأبصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضًا من عجائب خلق الله وآياته العظمى كرؤيته جبريل - عليه السلام - في صورته الحقيقية وكرؤية سدرة المنتهى وما شاهده فيها، وقد أخرج البخاري وجماعة، عن ابن مسعود في الآية: (رأى رفرفًا أخضر من الجنة قد سد الأُفق).

١٩، ٢٠ - {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}:

لما ذكر الوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الآيات السابقة وذكر - سبحانه - أيضًا بعض آثار قدرته حاجَّ المشركين وسفههم ووبخهم إذ عبدوا ما لا يعقل، وقال: أفرأيتم هذه الآلهة التي تعبدونها وقد أوحت وأنزلت إليكم شيئًا كما أوحينا إلى محمد؟ وهل رأيتم من عجائب خلقها كما رأى محمَّد من آيات ربه الكبرى؟ واللات والعزى ومناة أصنام لهم كانوا يعبدونها من دون الله: فاللات لثقيف بالطائف. وقيل في هذا الصنم: إنه كان رجل يلت السويق للحاج على حجر، فلما مات عبدوا ذلك الحجر إجلالا له وسموه بذلك، وهناك أقوال أخرى غير هذه في سبب التسمية، وبقيت اللات إلى أن أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار، أما العزى: فكانت لقريش أو لغطفان وهي سمرة ببطن نخلة بعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها، داعية ويلها، واضعة يدها على رأسها، فضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول:

يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك

<<  <  ج: ص:  >  >>