أي: في هذا اليوم الذي هو يوم بدر لا يفيد ولا يغني عنهم ما مكروا به ودبروه في دار الندوة لإلحاق الأذى برسول الله ﷺ هذا الكيد والمكر الذي عاونهم فيه إبليس - عليه اللعنة - كما لم ينفعهم ما أعدوه من العدد والعدة لمناصبة رسول الله ﷺ وهم وراء ذلك لا يجدون أحدًا ينصرهم ويمنع عنهم نزول الهزيمة بهم، وقتل سادتهم وشجعانهم وأشرافهم.
أي: لا يقف شأن إنزال الهوان والعذاب بهم عند هذا الحد ولا يقتصر على إحاطته بهم يوم بدر، بل وإن لهؤلاء الظالمين أنفسهم بكفرهم، والظالمين غيرهم بالقتل والتعذيب والإذلال، إن لهؤلاء جزاءَ ظلمهم - عذابًا مهينًا غير هذا العذاب الذي نزل بهم وهو ما يصيبهم من القحط والجدب في السنين السبع التي أكلوا فيها الجيف، وردئ الطعام ومُرَّه، أو ما يلقونه من مصائب الدنيا وعذاب القبر، وهم عن ذلك في غفلة، وأكثرهم لا يعلمون ما سيحل بهم من الوبال والهلاك، وبعضهم يعرفه ويعلمه غير أنه يصر على الكفر والضلال عنادًا وكبرًا وصدًّا.
أي: اصبر - يا محمَّد - على ما حملك الله من رسالته، وما يتبع ذلك مما ابتلاك الله به من سفه قومك وإعراضهم ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ أي: بمرأى ومنظر منا نرى ونسمع ما يحدث منك وما يفعله أعداء الله بك، فنحفظك ونرعاك ونحرسك، وفي التعبير بصيغة الجمع في قوله - تعالى -: ﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ للدلالة على المبالغة في الحفظ، كأن معه من الله - تعالى - حُفَّاظًا يكلؤُونه بأعينهم، وقال الإمام الآلوسي نقلا عن العلامه الطيبي: إنما أفرد هناك - يعني في سورة طه - فقال في شأن موسى ﵇: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ لإفراد الفعل هناك وهو كلاءَة موسى "رعايته وحفظه" وهنا لما كان لتصبير الحبيب - يعني محمَّدا، ﷺ على المكابد ومشاق التكاليف والطاعات ناسب الجمع لأنها