قوله: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾ للفعلة التي فعلناها، وهي إنجاء نوح ومن معه وإهلاك الكافرين ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي: فهل من متعظ يتعظ ويعتبر بتلك الآية الجديرة بالاعتبار والاتعاظ
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ استفهام تعظيم وتعجيب، بمعنى كان عذابي الواقع بهم وإنذارى لهم على كيفية هائلة لا يحيط بها الوصف، وذلك لتكذيبهم رسلى وإنكارهم آياتى.
﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ جملة قسمية وردت في آخر هذه القصة والقصص الثلاث التي تليها (١) تقريرًا لمضمون ما سبق من قوله - تعالى -: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ وتنبيهًا على أن كل قصة منها مستقلة بإيجاب الادكار كافية في الازدجار، ومع ذلك لم تقع واحدة في حيز الاعتبار، أي: وتالله لقد سهلنا هذا القرآن على قومك حيث أنزلناه بلسانهم وجمعنا فيه أنواع المواعظ الشافية، والعبر الزاجرة، والوعد والوعيد للتذكر والاتعاظ. ومع كل هذه الدوافع الداعية إلى الاهتداء أعرضوا عنها وضلوا ضلًالا بعدًا، ويشير إلى في لك قوله - تعالى -: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أي: فلا يوجد في قريش من يتعظ ويتذكر، فالاستفهام هنا للإنكار والنفى على أبلغ وجه وآكده. وقيل في معنى هذه الآية: ولقد سهلنا القرآن للحفظ وأعنَّا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه ليعان عليه؟
روى أن أهل الأَديان لا يتلون كتبهم مثل التوراة والإنجيل والزبور إلا نظرا، ولا تحفظ في الصدور، وعلى الألسنة كالقرآن، وعن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله تعالى.