والتنكير فيه وفي ﴿مُقْتَدِرٍ﴾ كما يشير إلى أن قربهم منه - سبحانه - بمنزلة من السعادة والكرامة بحيث يتحقق لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت مما يجل عن البيان، وتكل دونه الأذهان فالعندية عنده - جل شأنه - عندية منزلة وكرامة لا مسافة ولا مماسة.
قال عبد الله بن بريدة: روى أن رسول الله قال: إن أهل الجنة يدخلون كل يوم على الله ﵎ فيقرأُون القرآن على ربهم، وقال ثور بن يزيد عن خالد بن معدان: بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة فيقولون: يا أولياء الله انطلقوا، فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة، فيقول المؤمنون: إنكم تذهبون بنا إلى غير بغيتنا فيقولون: فما بغيتكم؟ فيقولون: مقعد صدق عند مليك مقتدر وفي رواية فيقولون: بغيتنا المقعد الصدق مع الحبيب كما أخبر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: دخلت المسجد وأنا أرى أني أصبحت فإذا أنا على ليل طويل وليس فيه أحد غيرى فنمت فسمعت حركة خلفى ففزعت فقال: أيها الممتليء قلبه (فَرَقًا) لا تفرق، أي: لا تفزع. وقيل: اللهم إنك مليك مقتدر، ما تشاء من أمر يكون ثم سل ما بدا لك قال: فما سألت الله - تعالى - شيئًا إلا استجاب لي، وأنا أقول: اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاءُ من أمر يكون، فأسعدني في الدارين، وكن لي ولا تكن عليّ، وانصرني على من بغى عليّ، وأعذني من هم الدَّيْنِ وقهر الرجال وشماتة الأَعداء.