المعشر: الجماعة، وقد ذكر الله في الآية السابقة ما يفيد أنه سيعاقب الجن والإنس إن كفروا، وجاءت هذه الآية لتعجيزهم عن الهَرَب للتخلص من عقابه.
والمعنى: يا جماعة الجن والإنس أنتم راجعون إلينا بعد الموت لعقابكم على كفركم ومعاصيكم، فإن قدرتم على الهرب والتخلص منه بالخروج من جوانب السموات والأرض، فاخرجوا منها وخلصوا أنفسكم من عقابى، لا تخرجون منها إلاَّ بسلطان وقوة وقهر، أنتم لا تقدرون على ذلك، عاجزون عن تحقيقه؛ لأنكم لا سلطان ولا قدرة لكم على تحقيقه، فأنتم محصورون في ملكوتى في حين لا ملكوت لغيرى حتى تخرجوا إليه - إن قدرتم - فبأَي نعمة من نعم ربكما تكذبان وتكفران، ومنها تحذيركم من العقاب لتتقوه.
شواظ النار: لهيبها الخالص من الدخان، وبهذا المعنى أخذ ابن عباس، وقيل: هما جميعًا، حكاه الأخفش عن بعض العرب، والنحاس: هو دخان النار على القول الأول، وقيل: هو النحاس المعروف. سمى الصُّفْر، يذاب ويصب على رءُوسهم، وروى هذا: مجاهد وقتادة، وكذا ابن عباس في رواية عنه.
وهذه الآية جواب عن سؤال مقدر عن الداعى للفرار أو عمَّا يصيبهم.
والمعنى: يرسل عليكما أَيها الثقلان لهب شديد من نار، كما يرسل عليكما نُحاسٌ مذاب يصب فوق رءُوس الكافرين منكما، فلا تمتنعان من العذاب، ولا تستطيعان الهرب منه لو أردتموه، فبأى نعم ربكما تكذبان، ومنها تنبيهكم إلى أنكم لا تستطيعون الفرار من العذاب إن بقيتم على كفركم.