﴿أَتْرَابًا﴾: مستويات في سن واحدة، كأنهن شبّهن في التساوى بالترائب التي هي ضلوع الصدر وهن أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين، وكذا أزواجهن، يقال في النساء: أتراب، وفي الرجال: أقران، وكانت العرب تميل إلى من تجاوزت حد الصبا من النساء، وانمطَّت عن الكِبَر، أخرج الترمذيّ عن معاذ مرفوعًا:"يدخل أهل الجنة الجنة جُرْدًا مُرْدًا مكحلين أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين" والمراد بذلك تمام الشباب وكماله.
وقيل: أتراب أي: مستويات في حسن الخلق وكريم الطباع، لا تباغض بينهن ولا تحاسد يألفن ويؤلفن.
﴿لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾:
متعلق بأنشانا أو بجعلنا أي: إنَّا أنشاناهن إنشاء لأصحاب اليمين، أو فجعلناهن أبكارًا عُربًا أترابًا لأصحاب اليمين.
والمعنى: هن مهيئات ومعدات لنعيم وتمتُّع أصحاب اليمين، وقيل: الحور العين للسابقين والأتراب العرب لأصحاب اليمين (ذكره القرطبي).
عاد ورجع الكلام إلي قوله - تعالى -: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾.
أي: هم جماعة كثيرة من الأولين وجماعة كثيرة من الآخرين والمراد بهما: المتقدمون والمتأخرون إمّا من الأمم السابقة وهذه الأمة، أو من هذه الأمة فقط على ما سمعت فيما تقدم.
ولم يقل - سبحانه - في حق أصحاب اليمين - جزاء بما كانوا يعملون كما قاله - سبحانه - في حق السابقين إشارة إلى أن ما أُعطوه من جزاء كان بمحض فضل الله.
ثم الظاهر أن ما ذكر من حال أصحاب اليمين هو حالهم الذي ينتهون إليه، فلا ينافى أن يكون منهم من يعذَّب لمعاصٍ فعلها ومات غير تائب عنها، ثم يدخل الجنة ولا يمكن أن يُقال: إن المؤمن العاصى من أصحاب الشمال؛ لأّنّ صريح أوصافهم الآتية يقتضي أنهم كانوا كافرين. (اهـ. آلوسي).