﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ أفرأيتم الماء العذب الذي تشربون منه لتحيوا به أنفسكم وتسكنوا به عطشكم، أأنتم أنزلتموه من السّحاب أم نحن المنزلون له بقدرتنا، فإذا عرفتم بأنا ننزله فلم لا تشكروننى بإخلاص العبادة لي؟ ولم تنكرون قدرتى علي الإعادة؟ وتخصيص الماء بهذا الوصف ﴿الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ مع كثرة منافعه؛ لأن الشرب أهم المقاصد المنوطة به، وإنزال الأمطار يتطلب أحوالا جوية خاصة لا يمكن أن يسيطر عليها الإنسان سيطرة كاملة أو يوفِّرها صناعيا توفيرًا تاما بسهولة مثل هبوب تيار بارد فوق آخر ساخن ولقد حاول الإنسان استمطار السحب العابرة صناعيا، إلا أن هذه المحاولات لا تزال مجرد تجارب على أن الثابت علميا أن نجاح بعض هذه التجارب تمّ على نطاق ضيِّق جدًّا مع وجوب توافر بعض الظروف الملائمة. اهـ.
﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾ أي: لو نشاء صيرناه أُجاجًا أي مِلْحا زعاقا لا يستساغ لا يمكن شربه من الأجيج وهو تلهب النار، وقيل الأُجاج: كل ما يلذع الفم ولا يمكن شربه فيشمل الملح والمر والحار.
﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ حث وتحضيض علي شكر جميع النعم لأنه أفيد وأشمل، دون عذوبة الماء فقط، نعم ورد أن رسول الله ﷺ كان إذا شرب الماء قال:"الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتًا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا" قال ابن الأثير: إن اللام في "لجعلناه" أُدخلت في المطعوم دون المشروب؛ لأنَّ جعل الماء العذب ملحا أسهل إمكانا في العرف والعادة، وأما المطعوم فإن جعله حطامًا من الأشياء الخارجة عن المعتاد، إذا وقع يكون عن سخط شديد اهـ. بتصرف.
﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾: أخبروني عن النار التي تظهرونها بالقدح - من الشجر الرطب - أأنتم أنشأتم تلك الشجرة وأودعتم فيها النّار أم نحن المنشئون الخالقون؟ فإذا عرفتم قدرتي فاشكرونى ولا تنكروا قدرتي علي البعث.