وعن سعيد بن جبير: هم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله، فصاروا زَمْنَى، فجعل الله لهم في أموال المسلمين حقًّا.
نقول: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فكل من كان على مثل حالهم، يستحق الصدقة. وكذا. كل من كان كسبه لا يكفيه.
﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ﴾:
أي اجعلوا صدقاتكم للفقراء الذين حبسهم عن التكسب العملُ في سبيل الله، كالجهاد وطلب العلم؛ لأنهم بسبب ذلك - لا يستطيعون سعيًا في الأرض للتكسب وجلب الرزق.
﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾:
أي يظنهم من لا يعرف حالهم - أغنياء: لا يستحقون الصدقة من أجل تعففهم، وامتناعهم عن السؤال.
﴿تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ﴾:
أي تعرف فقرهم بعلامتهم الملازمة لهم، المنبهة لفقرهم. وهي صفرة الوجوه، والجهد والانكسار ونحو ذلك.
والخطاب في ﴿تَعْرِفُهُمْ﴾ عام للرسول ﷺ وغيره ممن يَنْظُر حالهم.
﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾: أي لا يسألون الناس مُلِحِّين في السؤَال، كعادة الفقراء.
والمراد: أنهم لا يسألون الناس أصلا، كما قاله ابن عباس.
ومن أجل ذلك جُهِل حالهم، ولم يُعْرَفوا إلا استنباطا من علاماتهم.
فالنفي هنا موجه، للأمرين جميعًا: السؤال، والإلحاح.
وإلى هذا ذهب الفراءُ، والزجاج، وأكثر المفسرين.
وقيل المراد، أنهم لا يسألون، وإن سألوا عن ضرورة - لم يلحوا.
والأول هو الراجح.