الغلبة في الآية بالحجة لاطرادها وهو خلاف الظاهر كما قال الآلوسي، ويبعده سبب النزول، فعن مقاتل: لَمَّا فتح الله - تعالى - مكة والطائف وخيبر وما حولها للمؤمنين قالوا: نرجو أَن يظهرنا الله - تعالى - على فارس والروم، فقال عبد الله بن أُبي: أَتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها، والله إِنهم لأَكثر عددا وأَشد بطشا من أَن تظهروا عليهم فنزلت الآية (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ينصر رسله وأَولياءَه بقوته القاهرة، وعزته البالغة: فلا يغلبه على مراده كائن كيفما كان.
والمعنى: من الممتنع أَن تجد قوما مؤمنين يوادون من عادى الله ورسوله وذلك بأَن يجمعوا بين الإِيمان وموادة من عادى الله ورسوله.
وهو المراد بنفي الوُجْدان، على معنى أَنه لا ينبغي أَن يتحقق ذلك، وحقه أَن يمتنع ولا يوجد بحال وإِن قصده وجَدَّ في طلبه كُلُّ أَحد، وذلك مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملابسته والتصلب في مجانبة أَعداءِ الله ومباعدتهم.
وقيل: المراد لا تجد قومًا كاملي الإِيمان على هذه الحال، والنفي باق على حقيقته، والمراد بموادة المحادين موالاتهم ومظاهرتهم، والظاهر أَن المراد بمن حاد الله ورسوله الكافر. وبعض الآثار تشير إِلي شموله الفاسق. روي عن الثوري أَنه قال: نزلت فيمن يصحب السلطان. وقال سهل: من صحح إِيمانه وأَخلص توحيده فإِنه لا يأنس لمبتدع ولا يجالسه، ويظهر له من نفسه العداوة والبغضاء، ومن داهن مبتدعًا سلبه الله حلاوة السنن، ومن تجبب إلى مبتدع لطلب عز الدنيا أَو غناها أَذلَّهُ الله بذلك العز وأَفقره بذلك الغنى، ومن ضحك إِلي مبتدع نزع الله نور الإِيمان من قلبه، ومن لم يصدق فليجرب.