والمعنى: يفتري بنو إِسرائيل الكذب على الله لكي يطفئوا نور دينه بأَفواههم ومثلهم في ذلك كمثل من يريد إِطفاءِ نور الشمس بنفخه من فيه، والله مكمل الحق ومبلغه غايته بإِتمام دينه، وعن ابن عباس وابن زيد: يريدون إِبطال القرآن وتكذبيه بالقول، وقيل: يريدون إِبطال شأن النبي وإِخفاءَ ظهوره بكلامهم وأَكاذيبهم، فقد روي عن ابن عباس: أَن الوحي أَبطأَ أَربعين يوما فقال كعب بن الأَشراف: يا معشر يهود أَبشروا أَطفأَ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه، وما كان ليتم نوره. فحزن الرسول فنزلت (يُرِيدُونَ … ) الآية.
وقوله - تعالى -: (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) أَي: ولو كره الجاحدون، وفيه إِشارة إِلى أنه ﷿ متم ذلك قسرا عنهم وإِرغاما لهم.
أَي: أَن الله ﷾ هو الذي أَرسل رسوله محمدا ﷺ بالهدى أَي: بالقرآن؛ أَو المعجزة عامة، وجعل ذلك نفس الهدى مبالغة، ودين الحق وهو الملة الحنيفية ودين الإِسلام ليظهره على الدين كله: أَي: ليعليه على جميع الأَديان المخالفة له، ولقد أَنجز الله ﷿ وعده، وإذْ جعله بحيث لم يبق دين من الأَديان إِلا وهو مقهور مغلوب بدين الإِسلام، فقد هزم الأَديان الباطلة ونسخ الأَديان السماوية السابقة.
وعن مجاهد: إِذا نزل عيسى ﵇ لم يكن في الأَرض إِلا دين الإِسلام.
وقيل: المراد بالإِظهار: الإِعلاءُ بوضوح الأَدلة وسطوع البراهين وذلك أمر مستمر أَبدا.
(وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أَي: ولو كره المشركين ذلك لِمَا فيه من التوحيد الخالص وإِبطال الشِّرك.