أَي: هذا العذاب والتنكيل الذي ذاقوه ونالوه في الدنيا وما سيلقَونه وينزل بهم في الآخرة بسبب أَنه كانت تأتيهم رسلنا إِليهم بالمعجزات الباهرات والدلائل الواضحات (فَقَالُوا). مستهزئين بأَنبيائهم ساخرين منهم أَو متعجبين منكرين:(أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا) أَي: أَيرشدنا ويدلنا بشر من جنسنا، أَنكروا أَن يكون الرسول بشرًا ولم ينكروا أَن يكون الإِله حجرًا (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) أَي: فأَسرعوا وبادروا إِلى الكفر دون تدبر ولا رويَّة وأَعرضوا وأَوغلوا في البعد عن التأَمل والتفكر فيما جاءَهم به الرسل من الآيات البينات (وَاسْتَغْنَى اللَّهُ) أَي: أَظهر الله غناهم عن إيمانهم وعن طاعتهم حيث لم يلجئهم إِلى ذلك ولم يضطرهم إليه مع قدرته - سبحانه - على ذلك بل أَهلكهم وقطع دابرهم واستأَصل شأفتهم (وَاللَّهُ غَنِيٌّ) أَزلًا وأَبدًا غير محتاج إِلى أَحد من خلقه فضلا عن إِيمانهم وطاعتهم فهو - سبحانه - قائم بذاته وقائم بأَسباب مخلوقاته وهو القاهر فوق عباده (حميد) أَي: يحمده ويثني عليه كل مخلوق بلسان حاله أَو مقاله (ففي كل شيء له آية تدل على أَنَّهُ الواحد) أَو هو - سبحانه - حقيق بالحمد مستحق له وإِن لم يحمده - جل شأنه - حامد.
وفي تذييل الآية الكريمة، بهذه الفقرة ما يشير إِلى أَنه - تعالى - لم يطرأ عليه الاستغناء عن خلقه بل هو - جل شأنه - قديم الغنى أَبدي الاستغناء عنهم حيث كان، ولم يكن شيء معه.