منه احذروا أَن تخالفوا عن أَمره أَو أَن تتركوا سبيله ونهجه (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ): أَي: فإِن أَعرضتم وأَدبرتم وتركم الإصغاءَ له والائتمار بأَمره فليس هذا بضارِّ الرسول شيئًا؛ فلا تناله تبعة إِعراضكم، ولا ينقص ذلك من منزلته وجزائه لدى ربه، إذ هو غير مكلف بهدايتكم ولا هو مسيطر عليكم ولا يملك إِسعادكم، وإِنما ضرر التولي والإِعراض عائد وراجع عليكم فليس على رسولنا الذي اصطفيناه واخترناه إلا أَن يرشدكم ويدلكم على الصراط المستقيم وذلك بأَن يبلغكم رسالتنا تبليغًا بينًا واضحًا ولا يكتم منها شيئًا وهو ﷺ قد بلَّغ الرسالة وأَدى الأَمانة فجزاه الله عن أُمته خيرا.
(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ) أَي الله وحده هو الإله الذي لا معبود بحق سواه وكل ما خلاه باطل ومعبوداتكم كلها مخلوقة ومربوبة له - سبحانه - ولا تضر ولا تنفع (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أَي: وعلى الله وحده دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكًا، يعتمد ويلتجيءُ المؤمنون في جميع شئونهم: لأَنه - تعالى - هو وحده القادر على عونهم والقيوم بأمورهم كلها، وليس لغيره من أَربابكم وآلهتكم المزعومة ولا لسواها شيءٌ من ذلك.
قال الصاوي: وهو تحريض وحث النبي ﷺ على التوكل على الله والالتجاءِ إِليه، وفيه تعليم للأُمة ذلك بأَن يلتجئوا إِلى الله ويثقوا بنصره وتأييده.
وفي هذه الآية إِيماء إِلى أَن من لم يتوكل على الله فليس بمؤمن.